ما رأيك في استضافتك في رحلة إلى المستقبل؟ قد تبدو فكرة رائعة حيثُ يمكنك الاطلاع على أحدث الابتكارات الهندسية وأرقى النظم الإليكترونية، وكيف استطاعت صناعة السيارات أن تنجو من فقد الوقود غير المتجدد المعتمد عليه كليا في سيارات الاستخدام اليومي حاليا.
بالطبع تشغل بالك بعد هذه الدعوة، كيفية استضافتك في المستقبل، ففعليا لم يثبت التطبيق العملي للنظرية النسبية إمكانية الانتقال عبر الزمن بعد، ولم نكن ننوي التجربة حقيقة، وإنما ندعوك للنظر إلى المستقبل عبر نافذة فتحتها بورشه على المستقبل، ففي ظل السباق المشتعل في مجال استغلال الطاقة المتجددة، قد تبدو بعض ابتكارات عصرنا الحالي كقطعة من زمن بعيد أرسلت إلينا للفحص والتدقيق والاطلاع على ما سيكون عليه الغد، بعد قيام تلك الثورة الجديدة التي اتخذت من مسمى هايبرد شعارا لها، فبينما كانت البداية رحلة من أجل الحفاظ على الكوكب، انطلق الثائرون من فئة الهايبرد في رحلة بحث جديدة عن أداء فريد من نوعه، حيثُ تصبح رغبات البشر الملحة في السرعة -ولأول مرة- صديقة للبيئة، تتخلى عن تراثها العنيف ذي الصوت الخلاب، لتستمد الطاقة من الكهرباء.
شحنة من الطاقة في نسيج مستقبلي
عادة لا أجد صعوبة في وصف وحش ما قد اتخذ من السيارة أداة لتحقيق رغباته الشرسة في الانطلاق، ولترجمة لغته الميكانيكية المعقدة إلى متعة وإثارة، لكن اليوم تصعب مهمتي في استعراض نوعين من الوحوش، توافق الاثنان على هدف واحد بشخصية مختلفة وأسلوب مختلف، حيثُ تعمل سبايدر بمحرك V8 بقوة 500 حصان، يستطيع التسارع حتى 9200 لفة في الدقيقة، ليرسل شحنته من الأداء إلى العجلات الخلفية، في الوقت الذي تعمل فيه ثلاثة محركات من الكهرباء لإخراج 215 حصانا، تضاف إلى القوة الإجمالية لسبايدر، ليصل عدد الأحصنة التي يمكنك اللهو بها عبر مداعبة بدال السرعة إلى 718 حصانا، وهي قوة يمكنها دفعك إلى تسارع من الثبات وحتى سرعة 100 كم في الساعة خلال 3.2 ثوان وإلى سرعة قصوى تتحول فيها الرؤية إلى الوضع الضبابي عند 320 كم في الساعة.
بالطبع تلك ليست أسرع سيارة في العالم، ولكن سيارة فائقة الأداء بتلك الأرقام تستطيع أن تصل إلى معدل استهلاك للوقود 3 لترات لكل 100 كم، ومعدل انبعاثات لغاز ثاني أكسيد الكربون يصل إلى 70 جراما لكل كم، يجعلها بالفعل سيارة غير عادية.
فبينما تعمل 918 سبايدر على خلايا الليثيوم لتخزين الطاقة، ومن ثم إعادة الشحن من خلال المحرك الرئيسي، أو استخدام نظام تدوير الطاقة الذي تم تطويره من قبل فريق ويليامز للفورميلا 1، يمكنك الاستفادة من كل تلك الأنظمة عند استدراجها إلى النربرجرنج، لتخبرك الحلبة الألمانية القاسية أنها أسرع من شقيقتها الأسطورية كارير GT، حيثُ استطاعت قطع لفة كاملة خلال زمن أقل من 7 دقائق و30 ثانية، وهو رقم يليق بكونها سيارة بورشه المستقبلية، منظومة الدفع في 918 معقده قليلا، حيثُ يتصل المحرك الرئيسي بناقل حركة ثنائي القابض المسمى (PDK)، والمكون من سبع نقلات ليرسل القوة إلى المحور الخلفي، منظومة الدفع في 918 سبايدر تعمل على محاكاة شخصية 918 سبايدر الخاصة عبر إيصال الجزء الأقل من القوة إلى المحور الأمامي، تحقيقا لأكبر قدر ممكن من المتعة في أثناء القيادة الهجومية على حلبات السرعة، مع الاحتفاظ بمميزات الدفع الكلي المفيدة في أكثر الظروف القيادية قسوة، مما يحقق لها أداء سلسا يناسب طابع الأمان المستقبلي في عالم الأداء.
يمكنك قيادة 918 من خلال أربعة أوضاع للمحركات، أولها الوضع E-Drive والذي يتيح لك القيادة باستخدام المحركات الكهربائية فقط، والتي يمكنها العمل لمسافة 25 كم دون انقطاع، قبل الاحتياج إلى التحول إلى وضع الهايبرد، حيثُ يعمل المحرك الكهربائي كشاحن للطاقة، ومساعد بمعدل استهلاك منخفض للوقود، توفر خلاله السيارة أقل استهلاك بأداء يناسب المدينة، ومن ثم يمكنك الانتقال إلى المرحلة الأولى في الرياضية بوضعية هايبرد الرياضية، حيثُ تخرج المحركات أداء أفضل واستجابة أسرع من الوضعيات الأولى لقيادة سريعة بين المدن، وأخيرا وضعية السباق، حيثُ تخرج 918 أفضل ما لديها من أداء واستجابة مع بقاء عملية الشحن جارية للبطاريات والتي يمكنك الاستفادة منها على الطريق بضغطة زر، من خلال خاصية E-Boost التي ترسل بدفعة كهربائية إلى المحركات لزمن قصير، تساعدك في عملية تخطي مفاجئة أو خلافه.
المقصورة بلمسة من الطبيعة
اعتمدت بورشه فى تصميم مقصورة 918 على فكر فريد من نوعه ، حيث أكدت الشركة على دور المقصورة كعالم يحتضن السائق وليس مجرد وحدة تحكم يدير منها السائق سيارته البورشه ، فكل ما جاء فى المقصورة من خامات وتصميمات جاء فقط ليحاكى المستقبل ويخبرك كيف ستصبح سيارة الأداء فى الغد دون أن يكلف عقلك عناء التخيل ولتضمن لك بورشه تجربة قيادة لا تقل إثارة عن سيارتها الرائعة 918 سبايدر .
فاستخدام اللون الأسود بكثافة فى المقصورة جاء ليضفى جوا من الغموض والفخامة إضافة إلى استعراضه لأسلوب الستينيات فى تصميم سيارات السباق وهو ما انعكس أيضا على وضعية عدادات السرعة وتصميمها ، أما فى المنطقة الوسطى والتى يحيط بها الضياء الأخضر من كلا الجانبين فى لمحة رائعة عن شخصية السيارة المحبة للبيئة النظيفة ، فقد جاءت شاشة التحكم الرئيسية العاملة باللمس بحجم كبير لتقلص من كم أزرار التحكم التى قد تشت السائق وتفسد المظهر الداخلى الرائع للمقصورة .
إحدى اللمسات الرائعة أيضا هى عملية اختيار نظام القيادة المناسب والتى تتيح للسائق التنقل بين نظام التشغيل الموفر للوقود وكذلك نظام القوة القصوى والذى يتيح له أداء رياضى عنيف ، ولتبقى المقصورة متفاعلة مع مزاج السائق القيادى فالإضاءة فى المقصورة تتغير بتغير نظام القيادة فى السيارة لتصبح خضراء فى القيادة الموفرة الهادئة وحمراء فى القيادة الرياضية العنيفة ، أيضا تقدم السيارة نظام جديد لقياس مدى السير المتبقى بمخزون الوقود الحالى وهو نظام يعمل بمساعدة نظام الملاحة ليحدد لك متى تحتاج إلى التوقف للتزود بالوقود وما إذا كانت الكمية الحالية كافية لإنهاء الرحلة .
فكونها بورشه لا يضع على كتفيها مجرد مسؤولية إسعاد قائدها بل يمتد الأمر مع 918 سبايدر التجريبية إلى حد تعريف بورشه المستقبلية وما ستصبح عليه سيارات الغد .
0 التعليقات:
إرسال تعليق